Page 82 - التربية الأسرية في هدي الشريعة الإسلامية
P. 82

‫‪‬‬

    ‫الطلاق بين الحقوق ال�شرعية والآفات الاجتماعية‬

‫�إن الطلاق بلا مبرر ولا �سبب معقول من ا ألمور التي ي�ستهجنها العقلاء‬
‫في جميع المجتمعات على مختلف دياناتها وثقافاتها؛ ألنه يعود على المجتمعات‬
‫وا أل�سر وا ألفراد بعواقب وخيمة و آ�فات ج�سيمة و أ�مرا�ض اجتماعية وعقد‬
‫نف�سية‪ ،‬فالطلاق يعد و�سيلة حين تف�شل كل ال�سبل لا غاية‪ ،‬بل �أ�ستطيع �أن أ��شبهه‬
‫بالعملية الجراحية التي لا يقدم عليها الحذاق من الأطباء إ�لا عند �شدة الحاجة‬
‫�إليها‪ ،‬فقد يبتر طرف م�صاب حتى لا ي�سري المر�ض إ�لى باقي الج�سد فيفتك به‪،‬‬
‫لذا لا غرو �أن تجد ال�شريعة الغراء تقف موقف ًا و�سط ًا بين من يحرمون الطلاق حتى‬
‫ولو كانت الأ�سرة تعي�ش في جحيم لا يطاق وبلغت الكراهية بين الزوجين مبلغ ًا‬
‫عظيم ًا‪ ،‬ومع هذا تجد بع�ض ال�اشرئع تريد �أن تجبر الزوجين على مثل هكذا حياة‬
‫فقدت كل مبررات وجودها‪ ،‬هذا جانب لاافراط‪ ،‬أ�ما جانب التفريط فهو ترك‬
‫الحبل على الغارب وعدم و�ضع ال�ضوابط وا أل�س�س‪ ،‬بل جعل الأ�سرة والمجتمع‬
‫من خلفها في مهب الريح‪ ،‬وهذا لعمر الحق هو التفريط بعينه‪� ،‬أما الإ�سلام‬
‫العظيم ب�شريعته ال�سمحة الغراء فقد وازن بين الم�صالح والمفا�سد‪ ،‬ووقف موقف ًا‬
‫و�سطي ًا معتدل ًا من�سجم ًا مع العدالة والفطرة‪ ،‬حري�ص ًا على م�صلحة وا�ستقرار‬

                                                    ‫الفرد والمجتمع‪.‬‬

‫{ ‪ } 82‬‬
   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87